يقدم العقاد في ديوانه الشعري «عابر سبيل»، ألوانًا طريفة وجديدة من الموضوعات الشعرية، لم يسبق أن تناولها أحد من الشعراء. ليبين أن الشعر ليس مقصورًا على غرض دون الآخر؛ فأمور حياتنا وأحداثها تصلح جميعًا مواضيع شعرية، كأنه يقول أن للأدب وظيفة في طرح قضايا المجتمع وعرض مشكلاته، فيخرج بالشعر من ضيق أساليب القدماء وطرقهم النمطية في بدء القصائد ومحدودية موضوعاتهم، لآفاق أرحب في التناول والأحاسيس، حيث تتجلى سمات مدرسته الشعرية المسماة بـ«مدرسة الديوان» من حيث الدعوة للتجديد في الموضوعات، والاستعانة بمدرسة التحليل النفسي، والاتجاه للشعر الوجداني، فنجد في ديوانه شعرًا عن «عصر السرعة» و«الفنادق» و«عسكري المرور» و«المَصْرِف»، وغيرها من الموضوعات التي اعتُبر التطرُّق إليها شعريًا شيئًا غريبًا آنذاك.
و قد يدخل القادم الطارئ الى مجلس ، فيلقي فيه بكلمتين اثنتين هما : (( فلان يحترق )) ، و يكن في المجلس أبو فلان هذا و صديق له ، و إنسان لا يعرفه ، و عدو من أعدائه ، و آخرون يعرفونه بالقالة الحسنة ، و آخرون يعرفونه بالقالة السيئة ؛ ثم تنظر الى صدى الكلمتين في نقوس أولئك الجلساء ؛ فإذا هو مختلف اشد اختلاف : هذا يثب معولا ، و هذا يجري مهرولا ، و ذلك يسمع و يكاد لا يشعر بشيء ، و الى جانبه من يسمع و يبستم ، و معهم من يأسفون و هم يسمعون ، و معهم أيضا من لا يأسفون و كأنهم لا يسمعون . و إنما اختلف شعورهم بفلان هذا الذي يخترق ؛ فاختلف معنى الكلمتين ، و أثر هذا المعنى حسبما اختلف الشعور .
و الجائع السليم يزدرد الرغيف القفار ، يحس في أكله من اللذة و الاشتهاء ما لا يحسه من يجلس الى المائدة الفاخرة و هو متخوم او ممعود ؛ و إنما اختلفت الرغبة ، و اختلف الاشتهاء ، فاختلف الذوق و الشعور .
إن احساسنا بشيء من الأشياء هو الذي يخلق فيه اللذة ، و يبث فيه الروح ، و يجعله معنى (( شعريا )) تهتز له النفس ، أو معنى زريا تصدف عنه الأنظار ، و تعرض عنه الاسماع ، و كل شيء فيه شعر اذا كانت فينا حياة ، أو كان فينا نحوه شعور .
فليست الرياض وحدها و لا البحار و لا الكواكب هي موضوعات الشعر الصالحة لتنبيه القريحة و استجاشة الخيال ، و انما النفس التي لا تستخرج الشعر الا من هذه الموضوعات ، كالجسم الذي لا يستخرج الغذاء الا من الطعام المتخير المستحضر ، أو كالمعدم الذي يظن ان المترفين لا يأكلون الا العسل و الباقلاء !
كل ما نخلع عليه من احساسنا ، و نفيض عليه من خيالنا ، و نتخلله بوعينا ، و نبث فيه من هواجسنا و أحلامنا و مخاوفنا – هو شعر و موضوع للشعر ؛ لأنه حياة و موضوع للحياة .
و إن التصور لهو خير معوان للإحساس و شاحذ للرغبة او للنفور .
بيانات الكتاب
الاسم : ديوان عابر سبيل
المؤلف : عباس محمود العقاد
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 97
الحجم : 3.14 ميجا
تحميل كتاب ديوان عابر سبيل
رابط تحميل فورشيرد
طريقة التحميل التواصل والإعلان على مواقعنا
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقدمة
كلمة : (( أنا حاضرة )) اذا كتبتها معشوقة الى عاشق ، حملت اليه من الفرحة و الشوق ، و أشاعت في نفسه من الأمل و اللذة ما تضيق عنه اشعار العبقريين و رسائل البلغاء ، و هي تعد من أتفه الجمل ، التي يتألف منها الكلام المركب المفيد ، و ليس في وسع تلميذ يتدرب على تأليف الجمل من مبتدأ و خبر ان يأتي بأتفه منها في الكلام .
و قد يدخل القادم الطارئ الى مجلس ، فيلقي فيه بكلمتين اثنتين هما : (( فلان يحترق )) ، و يكن في المجلس أبو فلان هذا و صديق له ، و إنسان لا يعرفه ، و عدو من أعدائه ، و آخرون يعرفونه بالقالة الحسنة ، و آخرون يعرفونه بالقالة السيئة ؛ ثم تنظر الى صدى الكلمتين في نقوس أولئك الجلساء ؛ فإذا هو مختلف اشد اختلاف : هذا يثب معولا ، و هذا يجري مهرولا ، و ذلك يسمع و يكاد لا يشعر بشيء ، و الى جانبه من يسمع و يبستم ، و معهم من يأسفون و هم يسمعون ، و معهم أيضا من لا يأسفون و كأنهم لا يسمعون . و إنما اختلف شعورهم بفلان هذا الذي يخترق ؛ فاختلف معنى الكلمتين ، و أثر هذا المعنى حسبما اختلف الشعور . و الجائع السليم يزدرد الرغيف القفار ، يحس في أكله من اللذة و الاشتهاء ما لا يحسه من يجلس الى المائدة الفاخرة و هو متخوم او ممعود ؛ و إنما اختلفت الرغبة ، و اختلف الاشتهاء ، فاختلف الذوق و الشعور .
إن احساسنا بشيء من الأشياء هو الذي يخلق فيه اللذة ، و يبث فيه الروح ، و يجعله معنى (( شعريا )) تهتز له النفس ، أو معنى زريا تصدف عنه الأنظار ، و تعرض عنه الاسماع ، و كل شيء فيه شعر اذا كانت فينا حياة ، أو كان فينا نحوه شعور .
فليست الرياض وحدها و لا البحار و لا الكواكب هي موضوعات الشعر الصالحة لتنبيه القريحة و استجاشة الخيال ، و انما النفس التي لا تستخرج الشعر الا من هذه الموضوعات ، كالجسم الذي لا يستخرج الغذاء الا من الطعام المتخير المستحضر ، أو كالمعدم الذي يظن ان المترفين لا يأكلون الا العسل و الباقلاء !
كل ما نخلع عليه من احساسنا ، و نفيض عليه من خيالنا ، و نتخلله بوعينا ، و نبث فيه من هواجسنا و أحلامنا و مخاوفنا – هو شعر و موضوع للشعر ؛ لأنه حياة و موضوع للحياة .
و إن التصور لهو خير معوان للإحساس و شاحذ للرغبة او للنفور .
بيانات الكتاب
الاسم : ديوان عابر سبيل
المؤلف : عباس محمود العقاد
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 97
الحجم : 3.14 ميجا
تحميل كتاب ديوان عابر سبيل
روابط تحميل كتاب ديوان عابر سبيل
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire