مقدمة
قامت الحضارة الاسلامية بالأمس بأيدي العرب ؛ فهي حضارة عربية في جذورها و أصولها ، و قد عاون العرب في تكوين تلك الحضارة جماهير متعددة الاعراق متباينة الاجناس منها الآري ، و منها السامي ، و منها المغولي ، و لكن الطابع الواضح لذلك المزاج كله هو الطابع العربي بعنصريه الرئيسيين : اللغة و الدين ؛ فطبيعي إذن ان لا نسمي تلك الحضارة الا (( حضارة عربية )) . و يمتد عهد الحضارة العربية من فجر تاريخ الدول المحتضرة في جنوبي الجزيرة العربية و شماليها منذ الالف الثالث قبل الميلاد إلى ايامنها هذه ، و قد ظلت أمم الفرس و الترك و الكرد و الروم و
المغول و الهند و الزنج و القوط و البربر ، منذ ان دخل فيهم الاسلام إلى ما بعد سقوط الدولة العباسية ، و هي تعمل في خدمة ركب الحضارة العربية . و مما لا ريب فيه انها قد أدت لهذه الحضارة فوائد جليلة في كافة الفروع التي تتكون منها حضارتنا من فلسفة و علم و تربية و فن و سياسة ... فقد تفانى هؤلاء الاقوام جميعا في تكوين ذلك البناء الرفيع الممتاز . و لقد زعم شعوبيو الامس و اليوم من أعداء القومية العربية ان نصيب العرب من هذه الحضارة هو جزء يسير جدا ، بل هو جزء لا يكاد يذكر بالنسبة إلى ما قام به ابناء الامم المفتوحة ، فإن العرب قبل ان يتصلوا بتلك الأمم المفتوحة كانوا يعيشون في جهالة جهلاء ، يأكلون الضباب ، و يلبسون خشن الثياب ، و أنهم قوم لا أخلاق لهم ، و لا دين يردعهم ، و لا مبادئ سامية إلى الكمال تحضهم
فلما جاء الاسلام اتبعه قوم فانصلحت أحوالهم ، و اسلم له آخرون لم يلبثوا ان ارتدوا عنه بعد وفاة الرسول الكريم ، و كانت الردة ردتين ؛ إحداهن شكلية رجعوا عنها ايام ابي بكر الصديق ، و الاخرى حقيقية ظلت بعده ، و ظهرت آثارها في الفتن و الحروب الداخلية العديدة التي قامت منذ مقتل عمر بن الخطاب إلى ان قضى المغول على ملكهم يوم احتلوا بغداد و قضوا على الملك العربي ، و لم يرتفع للعرب منذ ذلك اليوم صوت الا في أواخر عهد الخلافة العثمانية التركية حين شاخت دولتها ، و حين دفعهم بعض أعدائها من الفرنسيين و الانكليز للوثوب عليها ، فقام زعيمهم شريف مكة الحسن بن علي الهاشمي بثورته في الحجاز و الشام ، و كان من أمر هذه الثورة ما كان .
هذا ما يقوله أعداء العروبة و خصوم الاسلام ، بل جهال الحقيقة و التاريخ ، و لئن كان هؤلاء الضالون قليلين في القديم ، أو انهك كانوا كثرة ، و لكنهم لم يكونوا يجرءون على رفع عقائرهم بالأمس خوفا من العرب الاقوياء الاعزاء ، فإنهم في ايامنا هذه كثيرون .
بيانات الكتاب
الاسم : التربية و التعليم في الاسلام
المؤلف : محمد أسعد طلس
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 196
الحجم : 19 ميجا
تحميل كتاب التربية و التعليم في الاسلام
روابط تحميل كتاب التربية و التعليم في الاسلام
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
التواصل والإعلان على مواقعنا
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire