يحيل الكاتب من خلال هذا الكتاب طَرفَه في حواضر العواصم الأوروبية وبلدانها. ويُحْمَد للكاتب في هذا المؤلَّف أنه عرض أوجه الحقائق التي قدَّمت للقارئ المرآة التي تُجلي له حسن هذه البلدان من قبحها؛ وذلك من خلال تركيزه على الطبقة الدنيا في أوروبا، وأحوالها المعيشية المتدنية آنذاك، كما صوَّر لنا الطبيعة الجغرافية لهذه البلدان، وطبيعة سكانها، وأحوالها الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، والثقافية
لعل اشهى ما تتوق اليه نفسي ، و أمتع ما يطمئن له جناني جولات أقوم بها في مختلف البلاد ، لا فرق عندي بين سهل و حزن ، و بدو و حضر ، أجوس خلالها منقبا في غير ملل ، رغم أني أركب في سبيل ذلك الصعب و أحتمل الألم ، و كأني استشعر بهذا اللذة الكاملة التي لا أبتغي عنها عوضا ، و الحق ان في الرحلات – التي أغرمت بها منذ الصبا – لخير مجدد لنشاط الجسم ، و مضاء العزم ، الى حفز في الهمم ، و تقويم في الخلق ، و اعتماد على النفس . و ها أنا أقص فيما يلي نبأ رحلتين جبت فيهما كثيرا من أرجاء أوروبا ، قمت بأولاهما في صيف سنة 1926 برفقة زميلين فاضلين ؛ هما : الأستاذ على الأهواني ، و الأستاذ عبد الرحمن السيد ، و قد حللنا بلادا عدة من إيطاليا و فرنسا و سويسرا و إنجلترا ؛ و في رحلتي الثانية في صيف سنة 1930 لم أوفق الى زميل ؛ فاعتزمت القيام بها وحيدا ، و كنت فيها أمضي عزما منذ قطعت ما يناهز سبعة عشر ألف كيلومتر بين بر و بحر ، و حللت أربع عشرة دولة ، و كأني رأيت في عزلتي مشجعا لي على توخي الاقتصاد و الجرأة .
كنت إذا حللت بلدا أودعت حقائبي مكتب الأمانات و خرجت أختلف الى الفنادق حتى أهتدي الى ما يرزقني في غير توريط و لا إعنات ، ثم ألجأ الى دار كتب أتصفح ما بها من مصورات (( كرتات )) عن المدينة ، و أناقش صاحب المكتبة فيها جميعا كي أتفهمها ، ثم أبتاع مها ما أستملحه ، و أستزيد بخريطة يدوية للمدينة أتصفحها بإمعان بعد ان أعيم موضوع المكتبة و النزل منها . و كنت على خططها أسير دون أن ألجأ الى بوليس أو دليل . و لقد كان في ذلك عون لي على تفقد أحياء المدينة في أيام قليلة .
و قد كنت طوال جولاتي أحاول درس البلاد التي حللتها من الوجهة الجغرافية و الاجتماعية ما استطعت الى ذلك سبيلا ، و كانت مصر العزيزة ماثلة أمامي دائما أحدث القوم عنها ، و أشيد بذكرها في جميع البلدان ، و ما كان أشد ألمي عندما كان القوم يذكرون عن مصر في سياق حديثهم معي معلومات مشوهة نحن براء منها ؛ ذلك لأن الدعاية لمصر في تلك الأنحاء مهملة ، اللهم الا فيما يذيعه ذوو الأغراض السيئة مما يحط من قدرنا ، و يصورنا في صورة الهمج و الرعاع ، بينما تجدهم يذيعون في دعايتهم لبلادهم من المحسنات ما هو مبالغ فيه الى حد لا يطابق الواقع مطلقا ، و ما كنت أفتر لحظة عن دفع تلك المفتريات عنا ، و إقناعهم بأن مصر تفوق كثيرا من بلدان أوروبا حضارة و نظاما ، و إن فاتني أن أزود نفسي بمجموعة من الصور المصرية المشرفة أمثال تلك التي تراها تعرض في جميع مكتباتهم ، و بها أفخر مبانيهم ، و أجمل أحيائهم و حدائقهم ، و أجل آثارهم و مشاهدهم .
المؤلف : محمد ثابت
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 196
الحجم : 20.2 ميجا
تحميل كتاب جولة في ربوع أوروبا بين مصر وأيسلنده
رابط تحميل فورشيرد
طريقة التحميل التواصل والإعلان على مواقعنا
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقدمة
لعل اشهى ما تتوق اليه نفسي ، و أمتع ما يطمئن له جناني جولات أقوم بها في مختلف البلاد ، لا فرق عندي بين سهل و حزن ، و بدو و حضر ، أجوس خلالها منقبا في غير ملل ، رغم أني أركب في سبيل ذلك الصعب و أحتمل الألم ، و كأني استشعر بهذا اللذة الكاملة التي لا أبتغي عنها عوضا ، و الحق ان في الرحلات – التي أغرمت بها منذ الصبا – لخير مجدد لنشاط الجسم ، و مضاء العزم ، الى حفز في الهمم ، و تقويم في الخلق ، و اعتماد على النفس . و ها أنا أقص فيما يلي نبأ رحلتين جبت فيهما كثيرا من أرجاء أوروبا ، قمت بأولاهما في صيف سنة 1926 برفقة زميلين فاضلين ؛ هما : الأستاذ على الأهواني ، و الأستاذ عبد الرحمن السيد ، و قد حللنا بلادا عدة من إيطاليا و فرنسا و سويسرا و إنجلترا ؛ و في رحلتي الثانية في صيف سنة 1930 لم أوفق الى زميل ؛ فاعتزمت القيام بها وحيدا ، و كنت فيها أمضي عزما منذ قطعت ما يناهز سبعة عشر ألف كيلومتر بين بر و بحر ، و حللت أربع عشرة دولة ، و كأني رأيت في عزلتي مشجعا لي على توخي الاقتصاد و الجرأة . كنت إذا حللت بلدا أودعت حقائبي مكتب الأمانات و خرجت أختلف الى الفنادق حتى أهتدي الى ما يرزقني في غير توريط و لا إعنات ، ثم ألجأ الى دار كتب أتصفح ما بها من مصورات (( كرتات )) عن المدينة ، و أناقش صاحب المكتبة فيها جميعا كي أتفهمها ، ثم أبتاع مها ما أستملحه ، و أستزيد بخريطة يدوية للمدينة أتصفحها بإمعان بعد ان أعيم موضوع المكتبة و النزل منها . و كنت على خططها أسير دون أن ألجأ الى بوليس أو دليل . و لقد كان في ذلك عون لي على تفقد أحياء المدينة في أيام قليلة .
و قد كنت طوال جولاتي أحاول درس البلاد التي حللتها من الوجهة الجغرافية و الاجتماعية ما استطعت الى ذلك سبيلا ، و كانت مصر العزيزة ماثلة أمامي دائما أحدث القوم عنها ، و أشيد بذكرها في جميع البلدان ، و ما كان أشد ألمي عندما كان القوم يذكرون عن مصر في سياق حديثهم معي معلومات مشوهة نحن براء منها ؛ ذلك لأن الدعاية لمصر في تلك الأنحاء مهملة ، اللهم الا فيما يذيعه ذوو الأغراض السيئة مما يحط من قدرنا ، و يصورنا في صورة الهمج و الرعاع ، بينما تجدهم يذيعون في دعايتهم لبلادهم من المحسنات ما هو مبالغ فيه الى حد لا يطابق الواقع مطلقا ، و ما كنت أفتر لحظة عن دفع تلك المفتريات عنا ، و إقناعهم بأن مصر تفوق كثيرا من بلدان أوروبا حضارة و نظاما ، و إن فاتني أن أزود نفسي بمجموعة من الصور المصرية المشرفة أمثال تلك التي تراها تعرض في جميع مكتباتهم ، و بها أفخر مبانيهم ، و أجمل أحيائهم و حدائقهم ، و أجل آثارهم و مشاهدهم .
بيانات الكتاب
الاسم : جولة في ربوع أوروبا بين مصر وأيسلندهالمؤلف : محمد ثابت
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 196
الحجم : 20.2 ميجا
تحميل كتاب جولة في ربوع أوروبا بين مصر وأيسلنده
روابط تحميل كتاب جولة في ربوع أوروبا بين مصر وأيسلنده
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire