يؤمن الكثيرُ من المفكرين والأدباء أن غاية الأدب هي إصلاح المجتمع وتحقيق رفعته والمشاركة في حل مشاكله. وفي هذا الكتاب يُكرِّس «محمد كرد علي» قلمه لرصد ظواهرَ اجتماعيةٍ وثقافيةٍ سادت المجتمعات العربية فترة منتصف القرن العشرين، فرأى أنها تُعيق التطور، فكان لزامًا تسليط الضوء على هذه الظواهر وحل المشكلات التي سببتها، كما يعقد المقارنات بين تلك العادات والطباع المرفوضة وبين مثيلاتها الأروبية المستحسنة، فلا يرى غضاضة في الأخذ ببعض من سلوكياتهم وطباعهم التي حققت لهم التقدم، فكانت دافعًا لا عائقًا. كذلك يقدم الكاتب رؤيته لعدة قضايا اجتماعية دار حولها سِجَالاتٌ فكرية — آنذاك — كقضية حقوق المرأة والجمع بين ثقافتين، والوحدة العربية والجامعة الإسلامية.
اذا كان القاتل يقتل و يقول تبت ، و الظالم يظلم و يقول رجعت ، و الفاجر يفجر و يقول أنبت ، فلم الشرائع نحتفظ بحدودها ، و ما الفائدة من القوانين ، نعني بتطبيق مفاصلها ؟
كان أحد المشايخ يسترضيني عن رجل أساء الي على احساني اليه ، و يورد ما أمرنا به من معاملة المسيء و العدو ، فقلت له : إني خلقت كما خلق هؤلاء الذين تراهم من لحم و دم و عصب و عظم يغضبني ما يغضبهم و يرضيني ما يرضيهم ، و أرى السلامة في البعد عمن أساءوا ، و لا رجاء منهم ان يحسنوا ، ألوي وجهي عنهم ، لا أنظر إليهم ما عشت .
اذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد إليه بوجه آخر الدهر تقبل
أنا لا أحاول الاشتغال بمداواة نفوس مريضة ، و مرضها عقام ، و لا أغامر بمداناة الموبوء المتفسخ ، و لا أرجو خيرا من مأفون الرأي ، و لا أداري من هم اشبه بالحيوان المفترس منهم بالانسان المدرك ، أتخير لصدافتي من يلائمني ، و لا تتناكر روحي و روحه ، و ليس هناك ما يضطرني إلى مراعاة كل الامزجة ، و مسايرة جميع الاهواء . فقد خالقت قوما بأخلاقي فما أفلحت و أرادوني ان أخالقهم بأخلاقهم فما أفلحوا .
ما جريت و لن أجري على سياسية الترقيع ما إن وجدت انسانا أكلمه ، و الصالح في العالم غير قليل ، و ما عقدت و لن اعقد مع المنحلين من كل عقد صلحا على دغل ، رجاء ان استديم به عشرتهم ، و لا أرم جرحا نغارا على فساد ظاهر يتبين منه تفريطي ، و لن أحاول نزع الحسد من قلب الحسود ، و تعرية اللئيم من لؤمه ، و زحزحة المبطل عن طبيعته . أحسنت الظن ببعض الاشرار ، و عملت بما قبل : (( الاصل براءة الذمة )) فما حمدت غب تساهلي معهم ، و ندمت على مغالطة النفس فيهم ، و اعترف أني اخطأت الحزم ، و ما أصبت شاكلة الصواب .
ليقل علماء الدين ما يقولون ، و ليقرر علماء النفس ما يقررون ، و ليكرر علماء الاخلاق ما يكررون ، فأنا أكره الشر و لا أقصد الآن إلى مداواة صاحبه ، و اعشق العدل و لا أغضي عمن يهدم عموده ، و أرغب في النظم السلمية و لا أغالط النفس في استصلاح الفاسد ، فالأخلاق ليست ثوبا تنتزعه ، و تستعيض عنه غيره في ساعة ، و لا الفضائل ببضاعة تعرضها على أول مبتاع فيحسن الانتفاع بها في الحال ، و من يقل للصالحات استعداده انت لن تخلق فيه ما حرمته الفطرة إياه ، و لو جهدت كل جهدك .
الاسم : أقوالنا و أفعالنا
المؤلف : محمد كرد علي
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 325
الحجم : 10 ميجا
تحميل كتاب أقولنا و أفعالنا
رابط تحميل فورشيرد
طريقة التحميل
التواصل والإعلان على مواقعنا
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقدمة
أكلما جنى جان قلنا له : استغفر و تب ، و أنت في حل مما كسبت يداك ، فإذا عاد لما نهى عنه أملينا له ما أملى هو لنفسه في الباطل ؟ و كيف لعمري يسامح صاحب الكبيرة على كبيرته و هو مصر عليها لا يحيد عنها ، و يقال للظالم لنفسه أو لغيره : إن باب التوبة مفتوح أمامك ، تدخل منه متى شئت ، فتعود كيوم ولدتك امك ؟اذا كان القاتل يقتل و يقول تبت ، و الظالم يظلم و يقول رجعت ، و الفاجر يفجر و يقول أنبت ، فلم الشرائع نحتفظ بحدودها ، و ما الفائدة من القوانين ، نعني بتطبيق مفاصلها ؟
كان أحد المشايخ يسترضيني عن رجل أساء الي على احساني اليه ، و يورد ما أمرنا به من معاملة المسيء و العدو ، فقلت له : إني خلقت كما خلق هؤلاء الذين تراهم من لحم و دم و عصب و عظم يغضبني ما يغضبهم و يرضيني ما يرضيهم ، و أرى السلامة في البعد عمن أساءوا ، و لا رجاء منهم ان يحسنوا ، ألوي وجهي عنهم ، لا أنظر إليهم ما عشت . اذا انصرفت نفسي عن الشيء لم تكد إليه بوجه آخر الدهر تقبل
أنا لا أحاول الاشتغال بمداواة نفوس مريضة ، و مرضها عقام ، و لا أغامر بمداناة الموبوء المتفسخ ، و لا أرجو خيرا من مأفون الرأي ، و لا أداري من هم اشبه بالحيوان المفترس منهم بالانسان المدرك ، أتخير لصدافتي من يلائمني ، و لا تتناكر روحي و روحه ، و ليس هناك ما يضطرني إلى مراعاة كل الامزجة ، و مسايرة جميع الاهواء . فقد خالقت قوما بأخلاقي فما أفلحت و أرادوني ان أخالقهم بأخلاقهم فما أفلحوا .
ما جريت و لن أجري على سياسية الترقيع ما إن وجدت انسانا أكلمه ، و الصالح في العالم غير قليل ، و ما عقدت و لن اعقد مع المنحلين من كل عقد صلحا على دغل ، رجاء ان استديم به عشرتهم ، و لا أرم جرحا نغارا على فساد ظاهر يتبين منه تفريطي ، و لن أحاول نزع الحسد من قلب الحسود ، و تعرية اللئيم من لؤمه ، و زحزحة المبطل عن طبيعته . أحسنت الظن ببعض الاشرار ، و عملت بما قبل : (( الاصل براءة الذمة )) فما حمدت غب تساهلي معهم ، و ندمت على مغالطة النفس فيهم ، و اعترف أني اخطأت الحزم ، و ما أصبت شاكلة الصواب .
ليقل علماء الدين ما يقولون ، و ليقرر علماء النفس ما يقررون ، و ليكرر علماء الاخلاق ما يكررون ، فأنا أكره الشر و لا أقصد الآن إلى مداواة صاحبه ، و اعشق العدل و لا أغضي عمن يهدم عموده ، و أرغب في النظم السلمية و لا أغالط النفس في استصلاح الفاسد ، فالأخلاق ليست ثوبا تنتزعه ، و تستعيض عنه غيره في ساعة ، و لا الفضائل ببضاعة تعرضها على أول مبتاع فيحسن الانتفاع بها في الحال ، و من يقل للصالحات استعداده انت لن تخلق فيه ما حرمته الفطرة إياه ، و لو جهدت كل جهدك .
بيانات الكتاب
الاسم : أقوالنا و أفعالنا
المؤلف : محمد كرد علي
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 325
الحجم : 10 ميجا
تحميل كتاب أقولنا و أفعالنا
روابط تحميل كتاب أقوالنا و أفعالنا
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
التواصل والإعلان على مواقعنا
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire