مدينةٌ تطلُّ على العالم وتُشرِفُ على تاريخه القديم والحديث، هكذا كانت القاهرة في عيون المؤرِّخ المصريِّ «محمد شفيق غربال»، ومن زاوية القاهرة أخذ يقرأ تاريخ العرب، يدرسه ويتمعَّن فيه، ويقدِّمه للقارئ في هذا الكتاب، كما قدَّمه للمستمع في سلسلة إذاعية حملت ذات العنوان، ويحتوي الكتاب على خلاصة دراسات عميقة ومتفحِّصة رامت إزاحة الغبار عن التاريخ العربي، وإزالة ما أُلصِق به من افتراءات شوَّهته وانتقصت منه ومن مكانة العرب بين الأمم، مضيفًا إلى تلك النظرات في التاريخ والشخصية العربية قبساتٍ من حياة عدد من العظماء الذين غيَّروا وجه التاريخ، وخلَّدتهم ذاكرة العالم كمفكِّرين ومجدِّدين ومصلحين رصدهم المؤلِّف وفَضْلَهم من زاويته الراقية بالقاهرة.
ذكر الكندي ، صاحب كتاب فضائل مصر ان أميرا من أمرائها قال يوما ، و هو بالميدان الذي يلي الفسطاط : أتتأملون الذي أرى ؟
قالوا : و ما الذي يرى الأمير ؟
قال : أرى ميدان رهان ، و جنان نخل ، و بستان شجر ، و منازل ، و ذروة جبل ، و نهرا عجاجا ، و أرض زرع ، و مرعى ماشية ، و مترع خيل ، و صائد بحر ، و قانص وحش ، و ملاح سفينة ، و حادي إبل ، و مغارة رمل ، سهلا و جبلا في أقل من ميل في ميل .
في هذه الرقعة صورة مصر ، و في هذا المركز – الفسطاط القاهرة – قلب مصر ، و مصر تتوسط العالم العربي ، و من زاوية القاهرة نطلع فنرى حلقاته و أدواره متناسبة متوازنة ، كل حلقة في مكانها ، و كل دور في موضعه ، لا يطغى شيء على شيء ، الضوء موزع التوزيع العادل ، و الظلال كذلك .
و كانت مصر المركز لأسباب ، منها : توسطها الجغرافي الظاهر ، و منها : أنها المرآة الصادقة لظاهرة عربية عامة ، ظاهرة التركيب العجيب للأصل و الوافد من عناصر الحضارة العربية (( و هذه ظاهرة سيزداد تفصيلها فيما يلي بعد قليل )) ، و منها ثالثا : أن مصر وحدها ، مصر دون سائر الأقطار العربية اتصلت أدوار تاريخها في نسق محكم مسبوك .
أما و الأمر كذلك فلنا ان ننظر من زاوية القاهرة ، و هذا دون افتئات و دون تجن .
فإذا ما فعلنا ذلك فماذا ينطبع في الذهن بعد نظرة شاملة نافذة فاحصة ... ؟ تنطبع حقيقة يمكن التعبير عنها بالقول :
إن تاريخ الأمة العربية هو ملتقى تواريخ الأمم ، هو من تلك التواريخ بمثابة النهر الكبير تصب فيه الجداول ، و تلتقي في مائه أمواه الفروع . ألا ترى أصحاب الكتب العربية التاريخية العامة يبدءون بتشى الأمم و الشعوب ، ثم يسيرون بها رويدا رويدا الى ان يبلغوا زمن الرسالة و قيام الدولة العربية ، و حينئذ يسلكون تواريخ الأمم في تاريخ الأمة العربية .
و لنتأمل قليلا تركيب تلك الدولة العربية ، و تركيب تاريخها . في هذا التاريخ يندمج كل ما يتعلق بالجزيرة العربية قبل الإسلام ، بقبائلها و ممالكها و أيامها و أحوالها و آدابها ، هذه جزء لا يتجزأ من تاريخ الأمة العربية ، ثم اذا ما انتقلنا من الجزيرة نحو البلاد التي فتحها العرب ، و التي انتشروا فيها ، و التي استعربت شعوبها بأقدار متفاوتة من الاستعراب ، فإننا نجد تلك الشعوب متحضرة بحضارات ، هي في ذاتها تتركب أيضا من عناصر أصيلة و طارئة ، و في مختلف الأقطار التي استوطنها العرب يتنوع امتزاج عناصر الحضارة تنوعا كبيرا .
بيانات الكتاب
الاسم : من زاوية القاهرة
المؤلف : محمد شقيق غربال
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 60
الحجم : 2.5 ميجا
تحميل كتاب من زاوية القاهرة
رابط تحميل فورشيرد
طريقة التحميل التواصل والإعلان على مواقعنا
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقدمة
ذكر الكندي ، صاحب كتاب فضائل مصر ان أميرا من أمرائها قال يوما ، و هو بالميدان الذي يلي الفسطاط : أتتأملون الذي أرى ؟
قالوا : و ما الذي يرى الأمير ؟
قال : أرى ميدان رهان ، و جنان نخل ، و بستان شجر ، و منازل ، و ذروة جبل ، و نهرا عجاجا ، و أرض زرع ، و مرعى ماشية ، و مترع خيل ، و صائد بحر ، و قانص وحش ، و ملاح سفينة ، و حادي إبل ، و مغارة رمل ، سهلا و جبلا في أقل من ميل في ميل .
في هذه الرقعة صورة مصر ، و في هذا المركز – الفسطاط القاهرة – قلب مصر ، و مصر تتوسط العالم العربي ، و من زاوية القاهرة نطلع فنرى حلقاته و أدواره متناسبة متوازنة ، كل حلقة في مكانها ، و كل دور في موضعه ، لا يطغى شيء على شيء ، الضوء موزع التوزيع العادل ، و الظلال كذلك . و كانت مصر المركز لأسباب ، منها : توسطها الجغرافي الظاهر ، و منها : أنها المرآة الصادقة لظاهرة عربية عامة ، ظاهرة التركيب العجيب للأصل و الوافد من عناصر الحضارة العربية (( و هذه ظاهرة سيزداد تفصيلها فيما يلي بعد قليل )) ، و منها ثالثا : أن مصر وحدها ، مصر دون سائر الأقطار العربية اتصلت أدوار تاريخها في نسق محكم مسبوك .
أما و الأمر كذلك فلنا ان ننظر من زاوية القاهرة ، و هذا دون افتئات و دون تجن .
فإذا ما فعلنا ذلك فماذا ينطبع في الذهن بعد نظرة شاملة نافذة فاحصة ... ؟ تنطبع حقيقة يمكن التعبير عنها بالقول :
إن تاريخ الأمة العربية هو ملتقى تواريخ الأمم ، هو من تلك التواريخ بمثابة النهر الكبير تصب فيه الجداول ، و تلتقي في مائه أمواه الفروع . ألا ترى أصحاب الكتب العربية التاريخية العامة يبدءون بتشى الأمم و الشعوب ، ثم يسيرون بها رويدا رويدا الى ان يبلغوا زمن الرسالة و قيام الدولة العربية ، و حينئذ يسلكون تواريخ الأمم في تاريخ الأمة العربية .
و لنتأمل قليلا تركيب تلك الدولة العربية ، و تركيب تاريخها . في هذا التاريخ يندمج كل ما يتعلق بالجزيرة العربية قبل الإسلام ، بقبائلها و ممالكها و أيامها و أحوالها و آدابها ، هذه جزء لا يتجزأ من تاريخ الأمة العربية ، ثم اذا ما انتقلنا من الجزيرة نحو البلاد التي فتحها العرب ، و التي انتشروا فيها ، و التي استعربت شعوبها بأقدار متفاوتة من الاستعراب ، فإننا نجد تلك الشعوب متحضرة بحضارات ، هي في ذاتها تتركب أيضا من عناصر أصيلة و طارئة ، و في مختلف الأقطار التي استوطنها العرب يتنوع امتزاج عناصر الحضارة تنوعا كبيرا .
بيانات الكتاب
الاسم : من زاوية القاهرة
المؤلف : محمد شقيق غربال
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 60
الحجم : 2.5 ميجا
تحميل كتاب من زاوية القاهرة
روابط تحميل كتاب من زاوية القاهرة
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire