في كتاب (إبليس) الذي بحث فيه عباس العقاد في تاريخ تمييز الإنسان بين الخير والشر .
و هي كلمة رائقة معجبة تروع المسامع و تستحق في بعض الاذواق ان تقال ، و لو تسامح القائلون و السامعون في بعض الحقيقة طلبا لبلاغة المجاز .
و لكنها في الواقع هي الحقيقة في بساطتها الصادقة التي لا مجاز في لفظها و لا في معانها ، و لا تسامح في مدلولها عند سامع و لا قائل ، بل هي من قبيل الحقائق الرياضية التي تثبت بكل برهان ،
و تقوم الشواهد عليها في كل مكان .
فقد كانت معرفة الشيطان فاتحة التمييز بين الخير و الشر ، و لو يكن بين الخير و الشر من تمييز قبل ان يعرف الشيطان بصفاته و أعماله ، و ضروب قدرته ، و خفايا مقاصده و نياته .
كان ظلام لا تمييز فيه بين طيب و خبيث ، و لا بين حسن و قبيح ، فلما ميز الانسان النور عرف الظلام ، و لما استطاع ادراك الصباح استطاع ان يعارضه بالليل ، و بالمساء .
كانت الدنيا أهلا لكل عمل يصدر منها ، و لم يكن بين أعمالها الحسان و أعمالها القباح من فارق الا ان هذا يسر و هذا يسوء ، و الا ان هذا يؤمن و هذا يخاف ، أما ان هذا جائز و هذا غير جائز في ميزان الاخلاق ، فلميكن له مدلول في الكلام ، و لم يكن له – من باب أولى – مدلول في الذهن و الوجدان .
و كانت القدرة هي كل شيء .
فلما عرف الانسان كيف يذم القدرة و يعيبها عرف القدرة التي تجمل بالرب المعبود ، و القدرة التي لا تنسب اليه ، و لكنها تنسب الى ضده و نقيضه .
و هو الشيطان .
و كانت فاتحة خير لا شك فيه .
كانت فاتحة خير بغير محاز و بغير تسامح في التعبير .
و كانت للإنسان عين يعرف بها الظلام ؛ لأنها عرفت النور و خرجت من غيابة الظلمات التي كانت مطبقة عليه .
فتاريخ الانسان في اخلاقه الحية لا ينفصل من تاريخ الشيطان .
و أوله هذا التمييز بين الخير و الشر .
و لكنه الأول في طريق طويل لم يبلغ نهاية مطافه .
فبعد التمييز بين الخير و الشر خطوة أخرى ألزم من تلك الخطوة في تاريخ الاخلاق الحية .
و تلك هي معرفة الخير في الصميم .
فقد كان على الانسان ان يعرف حقيقة الخير ليعلمه على علم و بصيرة .
فليس الخير خلوا من الشر و كفى .
و ليس الخير ابتعادا عن الشر و كفى .
و ليس الخير عجزا عن الشر و كفى .
و ليس الخير مخالفة للشر و كفى .
كلا ، بل الخير شيء قائم بذته ، و ليس قصاراه انه امتناع من شيء سواه .
الخير هو القدرة على الحسن مع القدرة على قبيح ، و هو الاختيار المطلوب بعد التمييز بين القدرتين .
الاسم : ابليس
المؤلف : عباس محمود العقاد
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 162
الحجم : 4.85 ميجا
تحميل كتاب ابليس
رابط تحميل فورشيرد
طريقة التحميل
التواصل والإعلان على مواقعنا
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقدمة
يوم عرف الانسان الشيطان كان فاتحة خير .و هي كلمة رائقة معجبة تروع المسامع و تستحق في بعض الاذواق ان تقال ، و لو تسامح القائلون و السامعون في بعض الحقيقة طلبا لبلاغة المجاز .
و لكنها في الواقع هي الحقيقة في بساطتها الصادقة التي لا مجاز في لفظها و لا في معانها ، و لا تسامح في مدلولها عند سامع و لا قائل ، بل هي من قبيل الحقائق الرياضية التي تثبت بكل برهان ،
و تقوم الشواهد عليها في كل مكان . فقد كانت معرفة الشيطان فاتحة التمييز بين الخير و الشر ، و لو يكن بين الخير و الشر من تمييز قبل ان يعرف الشيطان بصفاته و أعماله ، و ضروب قدرته ، و خفايا مقاصده و نياته .
كان ظلام لا تمييز فيه بين طيب و خبيث ، و لا بين حسن و قبيح ، فلما ميز الانسان النور عرف الظلام ، و لما استطاع ادراك الصباح استطاع ان يعارضه بالليل ، و بالمساء .
كانت الدنيا أهلا لكل عمل يصدر منها ، و لم يكن بين أعمالها الحسان و أعمالها القباح من فارق الا ان هذا يسر و هذا يسوء ، و الا ان هذا يؤمن و هذا يخاف ، أما ان هذا جائز و هذا غير جائز في ميزان الاخلاق ، فلميكن له مدلول في الكلام ، و لم يكن له – من باب أولى – مدلول في الذهن و الوجدان .
و كانت القدرة هي كل شيء .
فلما عرف الانسان كيف يذم القدرة و يعيبها عرف القدرة التي تجمل بالرب المعبود ، و القدرة التي لا تنسب اليه ، و لكنها تنسب الى ضده و نقيضه .
و هو الشيطان .
و كانت فاتحة خير لا شك فيه .
كانت فاتحة خير بغير محاز و بغير تسامح في التعبير .
و كانت للإنسان عين يعرف بها الظلام ؛ لأنها عرفت النور و خرجت من غيابة الظلمات التي كانت مطبقة عليه .
فتاريخ الانسان في اخلاقه الحية لا ينفصل من تاريخ الشيطان .
و أوله هذا التمييز بين الخير و الشر .
و لكنه الأول في طريق طويل لم يبلغ نهاية مطافه .
فبعد التمييز بين الخير و الشر خطوة أخرى ألزم من تلك الخطوة في تاريخ الاخلاق الحية .
و تلك هي معرفة الخير في الصميم .
فقد كان على الانسان ان يعرف حقيقة الخير ليعلمه على علم و بصيرة .
فليس الخير خلوا من الشر و كفى .
و ليس الخير ابتعادا عن الشر و كفى .
و ليس الخير عجزا عن الشر و كفى .
و ليس الخير مخالفة للشر و كفى .
كلا ، بل الخير شيء قائم بذته ، و ليس قصاراه انه امتناع من شيء سواه .
الخير هو القدرة على الحسن مع القدرة على قبيح ، و هو الاختيار المطلوب بعد التمييز بين القدرتين .
بيانات الكتاب
الاسم : ابليس
المؤلف : عباس محمود العقاد
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 162
الحجم : 4.85 ميجا
تحميل كتاب ابليس
روابط تحميل كتاب ابليس
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
التواصل والإعلان على مواقعنا
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire