ما يتبقى كل ليلة من الليل لـ عبد العزيز بركة ساكن - kitabot

vendredi 13 février 2015

ما يتبقى كل ليلة من الليل لـ عبد العزيز بركة ساكن

ما الذي يتبقى كلَّ ليلة من الليل؟ هل هو ليل آخَر؟ أم هي إشراقاتٌ ولمعاتُ خاطِر كالتي يُتْحِفُنَا بها «عبد العزيز بركة ساكن» في هذا الكتاب؟ حكاياتٌ وحواراتٌ مع الذات ومع الآخر، يقدِّمها لنا كاتبٌ يرى في كلِّ إنسان حكايةً وفي كلِّ نفسٍ تتنفس أسطورة، ويرى أن الأدب نقلٌ للصورة والصوت والزمن من إطار العاديَّة والخُفُوت إلى إطار التجلِّي والإبهار، فالأديب البارع يوظِّف مفرداته اللغوية، وخبراته الحياتية، وعناصر مُحِيطِه بما فيه من كائنات وجمادات، ليصنع — بِوَعْيٍ أو بغير وَعْيٍ — نصوصه الفنية، حاملةً نكهته الخاصة، ومُنْفَتِحَةً على قراءات مختلفة، تتعدَّد بتعدُّد القراء، ويتكشَّف فيها لكلٍّ منهم جمالياتٌ مغايرة. وممَّا يميِّز هذا الكتاب أنه نشاطٌ كتابيٌّ مستمرٌّ لمؤلِّفه، فهو يحدِّثه دوريًّا، وبين يدي القارئ نسخة لعام ٢٠١٤.

مقدمة


للمطر القروي
لا ، بل ما يشبه ضفيرة شعر من أجلي وحدي ، و من أجلي جاء المطر القروي حزينا ، على كفية بقايا نعاس و رسم حناء قديم ، رماد فلوات الصيف الماضي ، جاء المطر القروي يفتش عني في بحري ، في الشجرة ، على أسفلت طريق الثورة بالشنقيطي ، في أتني على مقهى منسي ، خلف الكافتيريا في أبي جنزير ، و في الحافلة الباردة الى أم درمان مشينا ، تقاولنا ، فتشابهت علينا الطرقات و المستشفى ، بائع الفاكهة العجوز و البقال على الاسفلت و كل صفوف الناس ... سألنا عن هذا و عن هذا ، عن ذكرى الهندي غاندي ، كنا اثنين و رابعنا عينان ، في تلك الليلة يقول الراديو : مات على إثر رصاصات الأعداء جنود شتى ...
ما يتبقى كل ليلة من الليل تعرفنا على سبعين ... كان السبعون سبايا جيش المهدي ، أكبرهم جدي – أحد الميتين القتلى بحربة (( شنقا شنقا )) – يكفر جدي – و أنا أيضا – بالمهدي و خليفته ، بعثمان دقنة و سناجك الترك المبيوعين ، يكره تجار الرق الجلابة ، يحارب ضمن صفوف الجان مع الشيطان ، الأشجار ، القنطور ، الأفيال و العبيد : المهدي ...
و أنا وحدي يا حبي ، أحمل عينيك قنابل من طين أسود و صلصال لا يوق ، أحشو بالدم و بالطين فمي ، و أقاتل حتى الموت ... لا أشكو أو اصرخ ، أتبين وجهك في الغابات و زرائب الأقنان ، و أتعرف على صوتك من بين ملايين الثكلى .
من منا أكثر ترياقا ؟
من منا أكثر اشتياقا ؟
من منا أكثر ليمونا و جروفا و طحينا ؟
أتبين قيدك أيضا من سجن الى سجن الى اخشاب المشنقة السنطية البلهاء ... أتبين قيدك درويشا درويشا ، و أغازلك و تبتسمين من تحت رداء الجوخ المثقوب الأسود ... أتبين قبح جمال النادل و الكمساري و المطر القروي ، يفتش عني ، وراء النهد المسموم أدس عناويني ، رقم الهاتف الجوال ، تذاكر العودة الى النهر و تميمة أمي المجلوة بعصارة لبن العشر ، يفتش عني المطر القروي ، رعد قبيلة الحبش ، هضاب كرن و عبد القادر الجيلاني ، و لا يجدي في قول القائل ، أو إيمان الكافر ، و لا وطوطة جريح الحرب .
هناك تنامين على وجع ، لا تستيقظ أسماك الرغبة في جعبته ، و لا مطر يغسل فضيحته و لا غاردنيا .
فراشات العالم كله لا يمكنها خلق زهرة ، و لا تستطيع قبلة – مهما كانت دافئة و حقيقية و عميقة – استخدم العاشق فيها كل بساتين القلب ، آيات الطير ، كتاب طوق الحمامة ، الكماسترا و الروض العطر ، لا تستطيع ان توقظ شفة أنامها الموت ... قولي للمطر القروي : كيف بعثته ؟!
بيانات الكتاب
الاسم : ما يتبقى كل ليلة من الليل
المؤلف : عبد العزيز بركة ساكن
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 176
الحجم : 16.5 ميجا
تحميل كتاب ما يتبقى كل ليلة من الليل

 



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire