تكاد عبارة «لا يمكن فصل الماضي عن الحاضر» أن تبلى من كثرة ذكرها بين المفكرين والمهتمين بتاريخ الأمم والمجتمعات، وإن كانت تحمل كل الحقيقة. فحاضر الأمة الإسلامية على اختلاف أجناسها وأقطارها شكَّله ماضيها منذ أيام البعثة المحمدية؛ حيث نشأت الدولة وليدة، وانطلقت تحوز سُبل القوة حتى كانت لها الغلبة والسيادة على أمم لم تُقم لها وزنًا قبل ذلك. ولكن النوازل تتابعت على تلك الأمة فقسمتها، وشغلتها بنفسها، وجعلتها تتراجع وتهن ..
جهدت كل من هاتين الدولتين ألا تدع بقعة من البقاع المعمورة في القارات الثلاث بعيدة من سلطانها او قادرة على عصيانها .
و كانت بينهما صحراء جرداء تحفل الدولتان بما حولها ، و لا تكترثان لما يجري في داخلها ، و امتد سلطان كل منهما الى الجانب الذي يليه ؛ فاتخذت فيه اتباعا يطيعونها ، و يحتمون بها ، و يلوذون بجوارها : فارس تسيطر على الحيرة و اليمن ، و بيزنطة تسيطر على أرض غسان و البتراء ، و تهم ان تنصب لها أميرا على الحجاز يدين لها بالولاء ، و يحرس لها طريق الشام من اوله في الجزيرة العربية ، ثم لا يعنيها الامر عناية جد تنتهي فيه الى عمل فاصل تجاوز به التردد و الشروع ، فليس الامر من الخطر عندها بحيث تفرغ منه على قرار .
اما الخطر الي فرغت له كلتا الدولتين : فهو الخطر من أحداهما على الأخرى ، و الخطر من قبل النهرين في العراق ، و من قبل النهر الكبير في وادي النيل . فلم تكن بقعة من هذه البقاع قد خلت طويلا من جنود الدولتين منتصرين او منهزمين ، و لم تزل الحرب بينهما سجالا في هذه الأودية و ما جاورها ، و لم تزل كل منهما على أمان من قبل الجزيرة الجرداء .
نعم ، كان جيش من الفرس قد أنهزم في وقعة (( ذي قار )) على طرف من أطراف تلك الجزيرة ، و لكنها هزيمة حرس في ولاية كما تخيلوها ، و ليست هزيمة دولة تنازل قرنا لها من دولة أخرى جديرة بالخوف منها و حفز الهمم للتغلب عليها ، و مثلها في عصورها الحديثة كمثل الهزائم التي أصيبت بها الدولة البريطانية يوم كانت تدعى سيدة البحار او يوم كان القائلون عنها يقولون : إن الشمس لا تغيب عن أملاكها ؛ هزائم تارة في حدود الأفغان او عند أعالي النيل او على طرف القارة السوداء في الجنوب ، و لكنها تنهزم فيها و تقبى بعدها سيدة البحار او غالبة على كرة الأرض بين مشارقها و مغاربها .
الاسم : الإسلام في القرن العشرين حاضره و مستقبله
المؤلف : عباس محمود العقاد
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 137
الحجم : 4.6 ميجا
تحميل كتاب الإسلام في القرن العشرين حاضره و مستقبله
رابط تحميل فورشيرد
طريقة التحميل
التواصل والإعلان على مواقعنا
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
مقدمة
كان التقليد التاريخي في القرن السادس للميلاد ان تتقاسم العالم المعمور دولتان كبيرتان ، كلتاهما حرب للأخرى تنافسها و لا تأمنها ، و لا تهدأ عن حربها فترة من الزمن الا ريثما تستعد لمعاودة الكرة بقوة من الجند و السلاح أعظم من القوة التي جردتها عليها في حروبها الأولى . و كانت الدولتان المتنافستان في ذلك القرن ؛ دولة المشرق و هي دولة الاكاسرة ، و دولة المغرب و هي دولة القياصرة : فارس و بيزنطة ، و لا ثالثة لهما في العالم المعمور بين القارات الثلاث .و كانت بينهما صحراء جرداء تحفل الدولتان بما حولها ، و لا تكترثان لما يجري في داخلها ، و امتد سلطان كل منهما الى الجانب الذي يليه ؛ فاتخذت فيه اتباعا يطيعونها ، و يحتمون بها ، و يلوذون بجوارها : فارس تسيطر على الحيرة و اليمن ، و بيزنطة تسيطر على أرض غسان و البتراء ، و تهم ان تنصب لها أميرا على الحجاز يدين لها بالولاء ، و يحرس لها طريق الشام من اوله في الجزيرة العربية ، ثم لا يعنيها الامر عناية جد تنتهي فيه الى عمل فاصل تجاوز به التردد و الشروع ، فليس الامر من الخطر عندها بحيث تفرغ منه على قرار .
اما الخطر الي فرغت له كلتا الدولتين : فهو الخطر من أحداهما على الأخرى ، و الخطر من قبل النهرين في العراق ، و من قبل النهر الكبير في وادي النيل . فلم تكن بقعة من هذه البقاع قد خلت طويلا من جنود الدولتين منتصرين او منهزمين ، و لم تزل الحرب بينهما سجالا في هذه الأودية و ما جاورها ، و لم تزل كل منهما على أمان من قبل الجزيرة الجرداء .
نعم ، كان جيش من الفرس قد أنهزم في وقعة (( ذي قار )) على طرف من أطراف تلك الجزيرة ، و لكنها هزيمة حرس في ولاية كما تخيلوها ، و ليست هزيمة دولة تنازل قرنا لها من دولة أخرى جديرة بالخوف منها و حفز الهمم للتغلب عليها ، و مثلها في عصورها الحديثة كمثل الهزائم التي أصيبت بها الدولة البريطانية يوم كانت تدعى سيدة البحار او يوم كان القائلون عنها يقولون : إن الشمس لا تغيب عن أملاكها ؛ هزائم تارة في حدود الأفغان او عند أعالي النيل او على طرف القارة السوداء في الجنوب ، و لكنها تنهزم فيها و تقبى بعدها سيدة البحار او غالبة على كرة الأرض بين مشارقها و مغاربها .
بيانات الكتاب
الاسم : الإسلام في القرن العشرين حاضره و مستقبله
المؤلف : عباس محمود العقاد
الناشر : مؤسسة هنداوي
عدد الصفحات : 137
الحجم : 4.6 ميجا
تحميل كتاب الإسلام في القرن العشرين حاضره و مستقبله
روابط تحميل كتاب الإسلام في القرن العشرين حاضره و مستقبله
أشترى كتبك الورقية بخصومات كبيرة وتوصيل لباب بيتك
رابط تحميل مباشر - جوجل درايفرابط تحميل فورشيرد
التواصل والإعلان على مواقعنا
قراءة اونلاين
أشترك فى قائمتنا البريدية ليصلك جديد الكتب
تابعنا على الفيسبوك
تابعنا على تويتر
زور موقعنا الجديد – معرفة بلس
زور موقعنا الجديد – عالم الروايات
زور موقعنا – مكتبة دوت كوم
زور موقع ثقف نفسك - حيث الثقافة والمعرفة
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire