نماذج بشرية لـ أحمد رضا حوحو - kitabot

jeudi 26 février 2015

نماذج بشرية لـ أحمد رضا حوحو

«نماذج بشرية» هو كتابٌ يحملُ بين طياته أقصوصاتٍ تنطقُ شخوصها بالنبض الواقعي للحياة؛ فالكاتب يستقي مادته القصصية من الدفتر الواقعي للحياة الإنسانية، ولا ينزع في هذه الأقصوصات إلى الخيال؛ ولكنه ينتزع من مختلف الطبقات نماذجًا حيةً انتخبها من بين أروقة المجتمع الذي يحيا فيه؛ لكي يمدَّ جسورًا وثيقة الصلة بجذور الواقع، وقد برع الكاتب في تأصيل مفهوم الواقعية بأدواتٍ تنسج الواقع بخيوطٍ من دعائم بنائه؛ فقد جاءت كلماته وشخصياته خير معبرٍ عن المذهب الواقعي في الحياة الإنسانية؛ فشخصياته القصصية تقوم مقام التوثيق الدرامي الذي يعرض مشاهد الحياة عَبْرَ عروضٍ يجسدها أشخاص ينتمون إلى نسيج الواقعية الأصيل ولا ينفصلون عنه.

مقدمة

  الشيخ رزوق رجل في العقد السادس من عمره ضخم الجثة كثيف اللحية أسمر اللون ذو مهابة ووقار يخشاه الناس ويحترمونه تدور حول سيرته شبهات لم يصدقها الا نفر قليل حيث يتهمونه بالقيام بأعمال مالية غير مشروعة ويقولون ان في استطاعته أن يحرم الابن من ارث أبيه اذا ما قدم له مبلغ من الأوراق المالية ... ولكن أغلبية مواطنيه تعتقد أنها مجرد اشاعات كاذبة يروجها حساد الشيخ وناكرو فضله فهو لا يعرف سوى داره والمسجد والطريق بينهما . نماذج بشرية لـ أحمد رضا حوحو تناول الشيخ طعام افطاره على عجل وهو لا زال يتمتم بالبقية الباقية من تسابيح ورد الصباح الذي اعتاد أن يتلوه يوميا عقب صلاة الصبح ثم أحضر له الخادم فنجانا من القهوة الساخنة أخذ يحسوه بسرعة وهو يحث الخادم على احضار بقية ملابسه وسجادة الصلاة التي لا تفارقه في حله ولا ترحاله وأخذ يستعد لمبارحة المنزل وقد تناول عصاه ومسبحته وما كاد يبارح غرفته حتى أدركته زوجته متذمرة , ما هذا !! ألا تستطيع حتى أن تتناول طعام افطارك في راحة ؟ أدائما أعمال الناس ؟ لا أدري أية فائدة تجنيها من وراء هذه المتاعب كلها التي صدتك عن العناية بأهلك وأولادك ؟!
وما كان من الشيخ الا أن رمقها بنظرة حادة وأجابها والغضب باد على قسمات وجهه : أي شيء أستفيده من الناس ؟! أتخالين زوجك مثل أولئك الغافلين الذين ألهتهم أوضار المادة الدنسة عن أعمالهم الربانية وأشغلتهم بطونهم عن الآخرة ؟ أنا أخدم الناس لوجه الله : أخدم الحق الضائع وأحاول جهدي ارجاعه الى نصابه ...
ثم حوقل الشيخ واستغفر ربه واسترسل يقول : لا تدخلي على نفسي الرياء أيتها المرأة اتقي الله أتريدين أن تضيعي أجر عملي وأ، تبدلي ثوابي عقابا بأحاديثك هذه ؟
وما كادت زوجه الساذج تعي هذه المواعظ حتى تأثرت وخشيت بطش ربها ونقمه اذا ما صدت هذا الرجل الصالح عن القيام بأعماله الربانية وانهالت على يده تقبلها وهي تردد : ربنا يبقيك ويحيطك بعنايته يا سيدي حقا ان هذه الدنيا لا تساوي جناح بعوضة .
وكأن الشيخ استراح واطمأن قلبه الى هذه النتيجة فأبدل قطوبه بابتسامة عريضة وتوجه لفوره الى الشارع وهو يداعب حبات مسبحته التي لا تفارقه لحظة واحدة في غدوه ورواحه وذهب يتأرجح في مشيته وهو في طريقه الى ركنه المنعزل في المسجد الذي يسميه مكتب أعماله الخيرية والناس تقصده من كل جانب منكبة على تقبيل يده التي يجود عليهم بها بكل سخاء طالبين منه الدعوات الصالحات والنساء يرمقنه من وراء شبابيكهن الضيقة مبتهلات الى الله أن يقضي حوائجهن ببركة هذا الرجل الصالح الذي يقضي جل حياته في المسجد ما بين العبادة وارشاد الناس الى ما فيه الخير والصلاح .
تربع الشيخ رزوق على سجادته بعد ما قام ببعض الصلوات وما كاد يستقر به المقام حتى تقدم نحوه شاب في ربيع الحياة رحب به الشيخ وانكب هذا على يده يلثمها وفي نفس الوقت دس فيها شيئا رمقه الشيخ بنظرة فاحصة حتى اذا ما تأكد من ارتفاع قيمته أسرع الى اخفائه في طيات جبته الفضفاضة وقابل هذه التحية بابتسامة لطيفة .
وأقبل على الزائر يسأله ويمازحه وهو يتوسم الخير العميم من ورائه وبادره قائلا : خير ان شاء الله يا ابني ماذا تريد ؟
بيانات الكتاب
الاسم: نماذج بشرية
المؤلف: أحمد رضا حوحو
الناشر: هنداوي للنشر
عدد الصفحات: 66
الحجم: 2 ميغا بايت
شراء النسخة الورقية: من هــنــا
تحميل كتاب نماذج بشرية



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire